أسوأ صاحب في التاريخ
أسوأ صاحب في التاريخ
يقول المؤرخون وأصحاب السير أنه : أمية بن خلف ، وبعضهم قال أنه أخوه : أبي بن خلف ، والأصح الثاني ، لأنه الذي سلب من صاحبه أعز ما يملك ، ليس مالا ولا جاها ولا غير ذلك ... ، بل سلب منه دينه بعدما اسلم وهو الذي قتله الرسول صلى الله عليه وسلم بيده ، أدعوكم إلى قراءة هذه القصة من سيرة خير البشر صلى الله عليه وسلم :
{ قال ابن إسحاق : كان النفر الذين يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته : أبا لهب ، والحكم بن أبي العاص بن أمية ، وعقبة بن أبي معيط ، وعدي بن حمراء الثقفي ، وابن الأصداء الهذلي – وكانوا جيرانه – لم يسلم منهم أحد إلا الحكم بن أبي العاص ( وهو أبو الخليفة الأموي مروان بن الحكم ) ، فكان أحدهم يطرح عليه صلى الله عليه وسلم رحم الشاة وهو يصلي ، وكان أحدهم يطرحها في برمته إذا نصبت له ، حتى اتخذ رسول اله صلى الله عليه وسلم حجرا ليستتر به منهم إذا صلى ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طرحوا عليه الأذى يخرج به على العود فيقف على بابه ثم يقول : يابني عبد مناف ! أي جوار هذا ؟ ثم يلقيه في الطريق } .
( الرحيق المختوم )
نأخذ الشاهد هنا وهما : عقبة بن أبي معيط و أبي بن خلف ....
عقبة بن أبي معيط أراد أن يسلم ، وعرف أن ما عند الرسول حق بل أنه أسلم !!! ، وكان يميل ميلا شديدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لدرجة أنه دعاه لضيافته ، ولم يستطع فعل ذلك إلا بعد أن استغلّ فرصة سفر ( أصحاب السوء ، الشلّة ، لمدة قصيرة خارج مكة ) .
يقول صاحب ( الظلال) :
{ حيث كان يكثر من مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه إلى ضيافته ، فأبى أن يأكل من طعامه حتى ينطق بالشهادتين ، ففعل ، وكان أبي بن خلف صديقه فعاتبه وقال له : صبأت ' فقال : لا والله ولكن أبى ان يأكل من طعامي وهو في بيتي فاستحييت منه فشهدت له !!!!!!! ، فقال /: لا أرضى منك إلا أن تأتيه فتطأ قفاه وتبزق في وجهه ، فوجده ساجدا في دار الندوة ففعل ذلك ( بمن كان قبل قليل في ضيافته وفي بيته !!! ) ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا ألقاك خارج مكة إلا علوت رأسك بالسيف " . فأسر يوم بدر فأمر عليّا فقتله }.
( في ظلال القرآن )
وقد نزلت هذه الآيات فيه كما فسّر ذلك المفسّرون :
(( ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ))
الفرقان : 27 - 29
{ فلا تكفيه يد واحدة يعض عليه ، إنما هو يداول بين هذه وتلك ، أو يجمع بينهما لشدة مايعانيه من الندم اللاذع المتمثل في عضة اليدين ، وهي حركة معهودة يرمز بها إلى حالة نفسية فيجسّمها تجسيما .
(( يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا )) فسلكت طريقه ، لم افارقه ، ولم أضل عنه ... الرسول الذي كان ينكر رسالته ويستبعد أن يبعثه الله رسولا !
(( ياويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا )) ... فلانا بهذا التجهيل ليشمل كل صاحب سوء يصد عن سبيل الرسول ويضل عن ذكر الله ...
(( لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني )) ... لقد كان شيطانا يضل ، أو عونا للشيطان .
(( وكان الشيطان للإنسان خذولا )) يقود إبى ماقف الخذلان ، ويخذله عند الجد ، وفي مواقف الهول والكرب } .( الظلال )
إذا نستبط من الآيات والسيرة أن : أبي بن خلف هو أسوأ صاحب في التاريخ ، إذ أضل صاحبه وأغواه ، عقبة بن أبي معيط ، بعد أن أسلم ، وهو الذي قتله صلى الله عليه وسلم بيده ، إذ ضربه بحربة في ترقوته في أحد فهلك بها في طريقه إلى جهنم وبئس المصير .
يقول صاحب الرحيق المختوم ( أما أبي بن خلف فكان هو وعقبة بن أبي معيط متصافين ... ، ثم ذكر القصة كما وردت سابقا !!
ويقول صاحب ( هذا الحبيب يامحب ) :
عقبة بن أبي معيط الأموي ( خامس النفر السبعة عشر الذين يعدّون أشد عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم ) كان من أشد الناس أذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعداوة له وللمسلمين ، وهو الذي وضع سلى الجزور بين كتفي رسول الله صلى اله عليه وسلم وهو يصلي عند البيت ورجالات قريش يضحكون ، حتى جاءت فاطمة وكانت جويرية صغيرة فنحّته عن رسول اله صلى الله عليه وسلم ونالت منه سبّا وانصرفت رضي الله عنها وأرضاها .
هلك هذا الطاغية الخبيث ببدر حيث أسر بها وصلب ، وهو أول مصلوب في الإسلام ن وكان أحيمرا أزرق العينين ، شبّهه النبي صلى الله عليه وسلم بعاقر ناقة صالح ، قُدار بن سالف عليهما معا لعائن الله } .
( المراجع : في ظلال القرآن – سيد قطب ، الرحيق المختوم – صفي الرحمن المباركفوري ، هذا الحبيب يامحب – أبو بكر لجزائري ) .
ما بعد القصة :
عندما تشاهد تقرأ أو تسمع عن مثل هذا الصاحب ، الذي يضل صاحبه عن الطريق القويم ، فتذكّر قصة : أسوأ صاحب في التاريخ ، وأنهما على ذات النهج ، مع الاختلاف في الشخوص والأزمان فقط !!!!
اللهم اغفر لنا ما مضى من أعمارنا،واحفظنا فيما بقي منها يا أرحم الراحمين يا ذا الجلال والإكرام