[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]لم
يكن ممكناً تصور ما هو أسوأ لصدقية اميركا في المنطقة مما تعرضت له خلال
زيارة جو بايدن هذا الاسبوع. تعليق لأرون ميلر العضو البارز في الفريق
الاميركي المفاوض مع الاسرائيليين خلال ادارتي بيل كلينتون وجورج بوش
الابن. ولأن ميلر يدرك موازين القوى في العلاقة الاميركية الاسرائيلية،
فقد وصفها بـ «الرقص مع الدب»، الذي تصبح المشكلة، كما يقول، انك اذا بدأت
الرقص معه لا يعود ممكناً تركه يرقص وحده!
هذا ما حصل مع نائب الرئيس الاميركي في اسرائيل. فالرقص مع «الدب
الاسرائيلي» (وربما كان وصفه بالذئب اكثر دقة) ادى الى الاهانة التي تعرض
لها الرجل الثاني في الولايات المتحدة، لكنه اضطر الى ابتلاعها والذهاب
الى مائدة العشاء الى جانب الدب ذاته، ثم الاشادة علناً بالعلاقات القوية
بين اسرائيل والولايات المتحدة، وإعلان الحرص الأميركي الكامل على أمن
الدولة العبرية باعتبارها «افضل صديق لاسرائيل في العالم».
هناك من يقول إن حكومة نتانياهو قررت عمداً تلقين جو بايدن ورئيسه باراك
اوباما درساً لا يستطيعان نسيانه عن حدود الضغط التي تستطيع اميركا ان
تمارسها على اسرائيل. لم تكن الاهانة مقصودة فقط، بل كانت هناك كذلك رغبة
في معاقبة الرئيس الاميركي على معارضته طلب اسرائيل السماح للطائرات
العسكرية الاسرائيلية باختراق اجواء العراق لتنفيذ الضربة التي يريدها
نتانياهو ضد ايران. الهدف من الدرس الاسرائيلي افهام اوباما أنه لا يستطيع
أن يحصل من اسرائيل على ما تعتبره «تنازلات» في الموضوع الفلسطيني، بهدف
تحسين صورة واشنطن في العالمين العربي والإسلامي، ومواجهة التطرف الذي
تدفع اميركا والغرب ثمنه من امنهما واستقرارهما، في الوقت الذي لا يأخذ
الرئيس الاميركي في الاعتبار ما يراه الاسرائيليون مصالح لهم و «تنازلات»
يريدون الحصول عليها من ادارة اوباما في الموضوع النووي الايراني. وخلاصة
هذه التنازلات التي تريدها اسرائيل ان تعطى الفرصة لحل هذا الموضوع على
طريقتها، أي بالقوة، أو ان تقوم الولايات المتحدة نفسها بذلك. بكلام آخر،
هناك عودة الى طبيعة العلاقة التي قامت بين اسرائيل والولايات المتحدة
خلال حرب الكويت في عهد بوش الاول وحرب العراق في عهد بوش الثاني: قبول
اسرائيل بالليونة على الجبهة الفلسطينية في مقابل تصلب اميركا وخوضها
الحروب، نيابة عن اسرائيل، على الجبهات الاخرى.
هكذا يصبح الموضوع الايراني حالياً في قلب معادلة العلاقة الصعبة بين
الولايات المتحدة واسرائيل. ومع أن ادارة اوباما باتت تعترف ان سياسة
الانفتاح على ايران ومد اليد نحوها لم يؤديا الى النتائج المرغوبة، وهو ما
قاله صراحة وزير الدفاع روبرت غيتس خلال لقائه مع عدد من الصحافيين
الاميركيين خلال زيارته لأبو ظبي، فإن غيتس قال كذلك ان حكومته تعتبر ان
هذه السياسة حققت هدفاً آخر لا يقل اهمية، وهو أنها كشفت حقيقة النيات
الايرانية امام العالم، وبالتالي جعلت التوافق على فرض العقوبات على
النظام في طهران أكثر سهولة.
العقوبات هي السياسة التي تريد ادارة اوباما تجربتها على أمل قطف ثمارها
في اجبار حكومة احمدي نجاد على التراجع عن تصلبها النووي. وهو ما كان
الهدف الاساسي من جولة غيتس الخليجية بهدف الطمأنة اولاً على امن هذه
الدول في وجه تهديدات طهران بقطع الايدي التي تمتد الى نفط «الخليج
الفارسي»، ثم الحصول على موافقة على المشاركة في تشديد العقوبات على
ايران، وهو ما يعني بالدرجة الاولى الامارات العربية المتحدة، وامارة دبي
على وجه التحديد.
غير ان الدول الخليجية، ومهما بلغت درجة قلقها حيال الصلف الايراني،
السياسي والمذهبي والامني، لا تستطيع تعويض العجز الاميركي حيال اسرائيل
بدفعات «فياغرا» من حسابها. فتوازن المصالح الاميركية في المنطقة يقتضي
اولاً أن تثبت الولايات المتحدة انها دولة عظمى لا يقبل قادتها الاهانات
ويعاقبون من يعرّضهم لها، وأن تأخذ في حسابها ان احد اسباب الاستقواء
الايراني في المنطقة وعليها يعود الى استقواء اسرائيل على كل الحقوق وشروط
السلام في المنطقة، والذي وصل الى الاستقواء على اميركا ذاتها.
*نقلا عن "الحياة" اللندنية