نسيبة بنت كعب بن عوف المازنية الأنصارية، أم عمارة من بني النجار.
صحابية، تزوجها في الجاهلية زيد بن عاصم المازني، ومات عنها فتزوجها غزية بن عمر المازني. وشهدت بيعة العقبة، وكانت تشهد المواقع، فشهدت أحداً والحديبية وخيبر وعمرة القضية وحنيناً، وكانت تسقي الجرحى وتقاتل. أبلت يوم أحد بلاءً حسناً، وجُرحت اثنا عشر جُرحاً بين طعنة رمح وضربة سيف، وضربها ابن قميئة علي عاتقها، فجرحها جرحاً له غور أجوف، كان أعظم جراحها فداوته سنة كاملة، وكانت أم عمارة ممن ثبت مع رسول الله حين تراجع الناس يوم أحد، وأمها معها يوم أحد تُعصب جراحها، كما كان معها في ذلك اليوم ابناها، حبيب بن زيد بن عاصم، الذي قتله مسيلمة الكذاب، وابنها الآخر عبدالله بن زيد المازني، الذي قَتل مسيلمة الكذاب بسيفه.
وكان رسول الله إذا حَدّث عن يوم أحد ذكر أم عمارة، وحضرت حرب اليمامة فقاتلت قتال الأبطال وقُطعت يدها وجرحت، وكان أبو بكر ـ وهو خليفة ـ يعودها ويسأل عن حالها.
روايتها للأحاديث:
روت أم عمارة عن الرسول- صلى الله عليه وسلم – عدة أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم " الصائم إذا أكل عنده صلت عليه الملائكة" ورواه لها أبو نعيم في كتاب الحلية، والحديث أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- نحر بدنة قياماً وقال: رحم الله المحلقين، فإن ابن منده وأبو نعيم لم ينسباها، بل قالا: أم عمارة بنت كعب الأنصارية.
الراوية عنها :
روى عنها ابن ابنها عباد بن تميم بن زيد والحارث بن عبد الله بن كعب، وعكرمة مولى ابن عباس أنها أتت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقالت: " ما أرى كل شيء إلا للرجال وما أرى النساء يذكرون" فنزل (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات) الآية.
وروى لها الترمذي والنسائي وابن ماجة.
بيعة العقــبة:
عن محمد بن إسحاق قال: وحضرت البيعة امرأتان قد بايعتا: إحداهما نسيبة بنت كعب، وكانت تشهد الحرب مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، شهدت معه أُحداً وخرجت مع المسلمين بعد وفاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في خلافة أبي بكر في الردة، فباشرت الحرب بنفسها حتى قتل الله مسيلمة، ورجعت وبها عشر جراحات من طعنة وجرحة.
معركة أُحــد:
شهدت أم عمارة أحداً، مع زوجها غزية بن عمرو، ومع ولديها حبيب وعبد الله. خرجت تسقي، ومعها الشن- أي القربة الخلق- وقاتلت وأبلت بلاءً حسناً وجُرحت اثني عشر جرحاً. وكان ضمرة بن سعيد المازني يُحدث عن جدته، وكانت قد شهدت أُحداً وقالت: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول:" لمُقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان". وكانت تراها يومئذ تُقاتل أشد القتال، وإنها لحاجزةٌ ثوبها على وسطها حتى جُرحت ثلاثة عشر جُرحاً، وكانت تقول: إني لأنظر إلى ابن قئمة وهو يضربها على عاتقها وكان أعظم جراحها؛ فداوته سنةَ. ثم نادى منادي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى حمراء الأسد؛ فشدت عليها ثيابها فما استطاعت من نزف الدم- رضي الله عنها ورحمها.
وأتى عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- بمروط فكان فيها مرط جيد واسع فقال بعضهم: إن هذا المرط لثمنه كذا وكذا، فلو أرسلت به إلى زوجة عبد الله بن عمر صفية بنت أبي عبيدة. وقال أحدهم: ابعث به إلى من هو أحق به منها، أم عمارة نسيبة بنت كعب فقد سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول يوم أُحد: ما التفت يميناً ولا شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني، فبعث به إليها .
البشارة بالجنــة:
لما أقبل ابن قميئة- لعنه الله- يريد قتل النبي- صلى الله عليه وسلم- كانت أم عمارة ممن اعترض له، فضربها على عاتقها ضربة صارت لها فيما بعد ذلك غورٌ أجوف، وضربته هي ضربات فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: لمُقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مُقام فلان وفلان. وقال: "ما التفت يميناً ولا شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني" . وقال لابنها عبد الله بن زيد:" بارك الله عليكم من أهل بيت؛ مقام أمك خيرٌ من مقام فلان وفلان، ومقام رَيبك- أي زوج أُمه- خيرٌ من مقام فلان وفلان، ومقامك خيرٌ من مقام فلان وفلان، رحمكم الله أهل بيت"؛ قالت أم عمارة:" أدعُ الله أن نُرافقك في الجنة؛ فقال رسول صلى الله عليه وسلم : اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة؛ فقالت: ما أُبالي ما أصابني من الدنيا. اللهم اجمعنا وإياهم في الجنة، اللهم آمين.
حرب اليمامة:
شهدت أم عمارة قتال مسيلمة باليمامة، وذلك لما بعث خالد بن الوليد إلى اليمامة جاءت إلى أبي بكر الصديق فاستأذنته للخروج فقال: قد عرفنا بلاءك في الحرب فاخرجي على اسم الله، وأوصى خالد بن الوليد بها وكان مستوصياً بها، وقد جاهدت باليمامة أجل جهاد، وجرحت أحد عشر جرحاً وقطعت يدها وقُتل ولدها. ومن هنا نلاحظ ثقة أم عمارة بنفسها وحبها للجهاد، إلى جانب الأثر الذي تركته أم عمارة في نفوس الصحابة.
وفــاتها
توفيت أم عمارة في خلافة عمر رضي الله عنهما عام 13 هـ، أي ما يقارب 634 م.